الصدمة تعمّ الصوماليين جراء هجوم حركة الشباب على 'إخوانهم المسلمين' الأتراك
ماجد أحمد وضاهر جبريل من مقديشو
29 تموز/يوليو 2013
وفت حركة الشباب بوعدها تصعيد العنف في شهر رمضان، مع تنفيذها الاعتداء الأخير على مجمع السفارة التركية في مقديشو خلال عطلة نهاية الأسبوع الفائت.
ودان القادة الصوماليون والأتراك الهجوم فور وقوعه في 27 تموز/يوليو، متعهدين بأنه لن يزعزع من عزمهم مواصلة مكافحة الإرهاب وتعزيز الشراكة التي قامت بين البلدين على مدى السنوات القليلة الماضية.
وأفاد موظف السفارة المحلي، عبدي محمد لصباحي، أن الاعتداء أسفر عن مقتل
ستة أشخاص بينهم حارس أمن تركي واثنين من المدنيين الصوماليين وثلاثة
عناصر من حركة الشباب. كما أصيب تسعة أشخاص، بينهم أربعة من قوات الأمن
التركية المكلفة بحماية المجمع.
وذكر موظفون صوماليون يعملون في السفارة لصباحي، أن الهجوم بدأ عندما
فجّر انتحاري ينتمي لحركة الشباب سيارة مفخخة عند مدخل المجمع، ومن ثم حاول
مسلحان آخران من عناصر الشباب دخول المبنى، إلا أن القوات الأمنية التركية
اعترضتهما وأردتهما قتيلين قبل أن يتمكنا من الدخول إليه.
وفي محاولة منها لتبرير الاعتداء، وصفت حركة الشباب في رسالة عبر توتيتر أن، تركيا "لا تمت للإسلام بصلة".
وجاء في الرسالة، "إن تركيا من الدول التي تدعم النظام المرتد وتحاول قمع تأسيس نظام يقوم على الشريعة الإسلامية".
وتعهد المتحدث باسم الشباب، علي محمد راجي، بمواصلة الحركة استهداف الأتراك المقيمين في الصومال.
وقال راجي في بيان إذيع عبر راديو الأندلس الناطق باسم الحركة، "سيواصل
المجاهدون هجماتهم ضد جميع مقرات الموظفين الأتراك في مقديشو، ما لم توقف
تركيا تدخلها في شؤون الصومال ".
ووصف راجي عمال الإغاثة والدبلوماسيين الأتراك بالكفرة، "الذين تسببوا
بمشاكل جمة للمسلمين وبخاصة في الصومال وحاكوا المؤامرات ضدهم".
وقال، "قد يتساءل بعض الناس لماذا استهدفنا الشعب التركي وهو شعب مسلم،
إلا أننا نود أن نوضح لهم أن الأتراك تخلوا عن الإسلام وعن دين الله،
واعتدوا على بيوت المسلمين".
اعتداء غير مبرر
واسترعى الهجوم إدانة واسعة من قادة تركيا والصومال والعالم، إضافة إلى استنكار المواطنين الصوماليين.
وفي هذا الإطار، قال محمد عثمان، وهو ضابط متقاعد في جهاز الاستخبارات
والأمن القومي الصومالي، إن "الاعتداء على الموظفين الأتراك الذين قدموا
إلى الصومال لمساعدة الصوماليين ليس له أي مبرر على الإطلاق".
وأضاف لـصباحي، "إن الموظفين الأتراك الذين تعرضوا لهذا الاعتداء الشنيع
ليسوا جنودا، بل هم مدنيون يقومون بمهمة إنسانية عظيمة في بلدنا، ويعملون
على مدار الساعة لمساعدة الشعب الصومالي، لذا لا يمكن تبرير هذا العمل
البشع بأي حال من الأحوال".
وتابع، "يدين الصوماليون كافة هذا العمل القبيح، الذي يكشف مجددا عن
نوايا الإرهابيين الخبيثة. إن الهجوم على الموظفين الأتراك في مقديشو يعدّ
بمثابة هجوم على الشعب الصومالي".
بدوره، وصف الرئيس الصومالي، حسن شيخ محمود، الهجوم بإنه "عمل يائس
وجبان قام به الإرهابيون الذين لا يكترثون لتحقيق السلام والاستقرار في
الصومال"، مقدما تعازيه لحكومة وشعب تركيا.
وقال محمود في بيان صدر بعد الانفجار بقليل، "أدين بشدة هذا العمل
الإجرامي الإرهابي وستبذل حكومتي والقوات الأمنية ما في وسعها للقبض على
الذين خططوا لتنفيذ هذه الهجمات".
وأضاف، "علينا مواصلة التصدي بحزم لأولئك الذين يسعون لتدمير هذا البلد،
وبدعم حلفائنا الشجاع، علينا مضاعفة جهودنا لبناء مستقبل يعمه السلام
والاستقرار والذي يصبو إليه الشعب الصومالي"
وأشاد محمود بالمساعدة التي تقدمها تركيا للصومال، واصفا الحكومة
التركية بإنها واحدة من "أكثر حلفاء الصومال عزما ويمكن الوثوق بها".
وكانت تركيا قد أطلقت قبل عامين حملة دبلوماسية واقتصادية وإنسانية كبيرة لدعم الصومال، ولعبت دورا كبيرا في جهود إعادة إعماره.
وتعد الخطوط الجوية التركية أول شركة طيران دولية تعيد تنظيم رحلات منتظمة إلى مقديشو منذ عقدين، كما يوجد في العاصمة الصومالية المئات من عمال الإغاثة الأتراك.
وقال محمود، "جاء العديد من الأتراك إلى الصومال لمساعدتنا في استعادة
عافيتنا. وبفضل عملهم الاستثنائي، لدينا اليوم مدارس ومستشفيات جديدة".
تناقض حركة الشباب
من جانبه، قال عمر فودعادي، 49 عاما، وهو محلل سياسي مقيم في مقديشو،
"يكشف هذا العمل مجددا عكس ما كانت المجموعات الإرهابية المسلحة تزعم بأنها
تحارب من أجله".
وأضاف، "كانت حركة الشباب تقول للمتعاطفين معها بأنها تخوض حربا مقدسة
ضد الكفار، لكنها كانت في الواقع تحارب وتستهدف المسلمين الأبرياء في شهر
رمضان المبارك، حيث أظهرت مرة أخرى وبوضوح استهتارها بأرواح الناس
باستهدافها مدنيين أبرياء من دولة إسلامية".
وأشار فودعادي لصباحي أن "الإرهابيين يسعون دوما لتقويض التقدم الذي
يشهده الصومال، لأنهم لا يريدون إقامة دولة صومالية. إنهم أناس يستفيدون من
الفوضى، ولكن الفوضى لا تدوم إلى الأبد".
وأعرب سكان مقديشو عن بالغ قلقهم إزاء التهديدات العشوائية والهجمات الانتحارية التي تستهدف حركة الشباب من خلالها المواطنين.
وقال آدم بيلي، وهو أب لأربعة أطفال يبلغ 56 عاما ويقيم في مخيم
تارابونكا للنازحين بمقديشو لصباحي، "صدمت بشدة عندما سمعت في الأخبار عن
الهجوم الانتحاري والتهديدات التي توجهها حركة الشباب لوكالات الإغاثة
التركية التي تقوم بمساعدتنا. إنهم أخوتنا في الدين وأرى في هذا الهجوم
طعنة لحاجتنا إلى المساعدة من قبل شعب مسلم".
بدورها، تساءلت أمينة هيرسي، وهي أم لسبعة أولاد تبلغ 41 عاما وتقيم في
مخيم بادبادو في مقديشو، عن دوافع حركة الشباب من استهداف عمال الإغاثة
والدبلوماسيين الأتراك.
وقالت لصباحي، "أنا في حيرة حول ما إذا كان قادة حركة الشباب قد فقدوا
عقولهم عندما طردوا من مقديشو وشاهدوا التحول الذي طرأ على الوضع الأمني
وعودة توفر المساعدات للشعب، أو إذا كانوا لا يفقهون معنى الأهداف الدينية
التي يدعون أنهم يقاتلون من أجلها".
وأعربت عن أسفها "لأن إرهابيي حركة الشباب اعتدوا على إخواننا الأتراك".
أما حبيبة ضاهر، وهي أم لثلاثة أولاد تبلغ 35 عاما وتقيم أيضا في مخيم
بادبادو، فقالت "مهما كان ما حصل، اعتقد أننا شعرنا بنفس الحزن الذي انتاب
إخوتنا الأتراك".
وأضافت لصباحي، "عندما هاجمت حركة الشباب اخواننا المسلمين، أدركت أن
الاعتداء هذا دليل على إرادة الحركة إلحاق الضرر بأي مسلم يهب لمساعدتنا.
لقد ضلوا عن طريق الجهاد كما حدده الله في الدين وأتوجه إلى الدول
الإسلامية لأقول لها، لا تقفوا موقف المتفرج على المصائب التي تفعلها بحقنا
حركة الشباب بل حاولوا مد يد المساعدة لنا".
تضامن قوي بين الصومال وتركيا
على صعيد رسمي، تفقد يوم الأحد كل من رئيس الوزراء الصومالي عبدي فارح
شردون ووزير الداخلية عبد الكريم حسين جوليد ووزير الدفاع عبد الحكيم حاجي
محمود فيقي ووزير المالية محمود أوالي سليمان وعدد من المسؤولين الحكوميين
الأخرين موقع الانفجار، للإعراب عن تضامنهم مع تركيا ولإدانة الهجوم
الانتحاري.
وقال شردون في مؤتمر صحافي مشترك مع السفير التركي في الصومال كاني
طورون، "لن تؤثر مثل هذه الأعمال الإرهابية الفاشلة على العلاقة بين
الصومال وتركيا، كما أنها لن تقوض مسار التقدم الذي تحقق في أنحاء الصومال
كافة".
وأعرب شردون عن تضامن الصومال شعبا وحكومة مع أهالي الضحايا الأتراك الذين فقدوا أحباءهم جراء هذا الهجوم.
من جانبه، قال طورون، "لن نتوقف عن بذل الجهود الدؤوبة لمساعدة الشعب
الصومالي على التعافي من سنوات من الاضطراب وسيتم تنفيذ المشاريع الإنمائية
التي تمولها تركيا بشكل كامل".
من جهته، أكد حسين عبدي آدن، المدير العام لوزارة الداخلية والأمن
القومي، أن الحكومة الصومالية مصممة على حماية البعثات الدبلوماسية
الأجنبية في الصومال.
وقال لصباحي، "إن استهداف موظفين مدنيين أتراك يظهر عدم احترام
الإرهابيين للحياة الإنسانية وللدبلوماسيين الأجانب الذين قدموا إلى
الصومال لمساعدة شعبنا".
وأوضح بأن هذا "العمل الإرهابي يتصف بقدر كبير من الجبن"، مؤكدا أن
"الإرهابيين يستهدفون الموظفين المدنيين الأتراك، بسبب الدور الذي تلعبه
تركيا في مساعدة الشعب الصومالي".
No comments:
Post a Comment