Tuesday, 9 July 2013

مرة أخرى.. أين ترسو السفينة المصرية؟



طوال العام الماضي (2012) كنت قلقاً ومشغولاً بالسؤال: أين ترسو سفينة أم الدنيا في مياه السياسة المضطربة. فالخلاف بين الأحزاب والكتل السياسية والرموز كبير رغم أن الثورة الشعبية على نظام الرئيس مبارك قد جمعت الجميع عدا من عرفوا «بالفلول» أو اتباع النظام. وقد ظهر ذلك منذ اليوم الأول وعندما كانت الانتخابات التشريعية (البرلمانية) والرئاسية بعد ذلك تعمق الخلاف أكثر وذلك بالمنافسة والسباق الانتخابي أولاً... ثم بعد ظهور النتيجة ثانياً والتي كان التوجه الاسلامي هو صاحب الحظ والغلبة فيها. فأصبح الدكتور محمد مرسي رئيساً للجمهورية وحزبه (حزب الحرية والعدالة) وشركاؤه هم المسيطرون على مجلس الشورى.
ورغم أن الانتخابات في المستويين (التشريعي والرئاسي) كانت حرة ونظيفة وخالية مما يخدش الحياء الديمقراطي وسلم بها الجميع يومئذ إلا أن التخطيط والتدبير لانتفاضة أخرى وعرقلة لمسيرة حكم الرئيس مرسي وأعوانه كانت جارية ومستمرة ليس بالوسائل الدستورية ولكن بالوسائل الأخرى التي بدأت بالحملات الاعلامية والاعتصامات والتظاهرات الشعبية بل والعودة إلى ميدان التحرير وبعض ما مورس فيه عند ثورة 25 يناير من (بلطجة!).
وقد بلغ ذلك ذروته بعد 30 يونيو 2013 بظهور ما عرف بالحركة الشبابية (تمرد) ثم وضع الجيش بقيادة الفريق السيسي يده على السلطة وتجريد الرئيس مرسي من شرعيته الدستورية حيث أصبح الرئيس (المعزول) وأصبح قادة حزبه رهن المطاردة والملاحقة الرسمية. وبلغ بذلك الوضع السياسي في مصر ذروته في الصراع والانفصال بين الأطراف لا سيما وان الجيش بما أقدم عليه من (انقلاب عسكري) قد أصبح جزءاً منه رغم التذرع بأن الجيش قد انحاز للحراك الشعبي والجماهيري الكبير في ميدان التحرير وغيره. ولكن أصبحت الصعوبة هنا على انقلاب الفريق السيسي في عدم التوفيق والاستطاعة لبناء ادارة محكمة وفعالة وفترة انتقالية واضحة المعالم ومستقرة وملبية لمطامح ورغبات كل الشعب المصري. ولكن ذلك كله يصبح حسب ما يجري الآن على الساحة في المنابر والميادين المختلفة في مصر بعيد المنال..
ذلك ان الحركة الإسلامية هناك وهي كيان مجتمعي وسياسي وديني معتبر وله حضوره في كل العهود قد وجد نفسه الآن (معزولاً) شأن الرئيس المعزول الدكتور مرسي.. وكيفما كان ما نسب لعهده من القصور والتطرف والأخطاء والتجاوزات التي كان بالامكان تلافيها كلها والخلاص منها بالوسائل الدستورية والديمقراطية وهي صندوق الانتخابات (مبكرة) أو في حينها ولكن ليس بما حدث من اجراءات غير دستورية وغير مبررة ويقول المراقب والمحلل السياسي انها تضع البلاد في حالة عدم استقرار.. بل وتجارب غير شرعية تتكرر بين الحين والآخر.
إن المرء قلق بحق مما جرى ويجري في أم الدنيا والعشرات يموتون والمئات يجرحون ويعاقون وليس في الأفق ما يشير إلى أن الأمور ستتدارك والجروح سترتق لأن مرسي (معزول) وفي حالة حبس.. وحزبه وأنصاره ومن أيدوه في حالة اقصاء لا يُرى كيف الخروج منها... فالاقصاء الذي مورس في حقب سابقة لا يمكن أن يطبق الآن وهناك ادعاء بأن الديمقراطية قادمة.
مياه السياسة في مصر مائجة ومضطربة للغاية وبشكل أكثر مما كان عليه الحال في أي وقت مضى مما يجعلنا نعود إلى السؤال: أين ترسو السفينة المصرية؟ وهو سؤال ممزوج بالقلق والأسى لأن مصر أم الدنيا كما يقولون ونقول، والاستقرار والنماء فيها يعنيان استقرار ونماء المنطقة كلها.. والله نسأله أن يمنحها ذلك ويجنبها الاحن والمحن وويلات ومنزلقات التمرد.. آمين.

No comments:

Post a Comment