Saturday 13 July 2013

الشيخ محمد معلم حسن مفسر القرآن ورائد الدعوة الإسلامية في الصومال

الشيخ محمد معلم حسن مفسر القرآن ورائد الدعوة الإسلامية في الصومال
موسي أحمد عيسي / الخرطوم - شبكة الصومال اليوم للإعلام
23 شعبان, 1432

تمهيد
الشيخ محمد معلم رجل من رجالات الدعوة الإسلامية في القرن الإفريقي بل يعتبر أباً  للصحوة الإسلامية في الصومال لكثرة طلابه ومحبيه لدراسة التفسير في القرآن الكريم وإسهاماته الكبيرة للدعوة العامة ولتثقيفه المواطن الصومالي بالثقافة الإسلامية .
ونحن اليوم بصدد ذكري مرور أحدى عشر عاما علي وفاته عام 2000م ونقول له : رحمك الله يا مفسر القرآن وليست صدفة أن يكون اسمه هكذا (محمد معلم ) بل كان قدرا مقدورا فهو معلم لجميع أبناء الصحوة الإسلامية بكل توجهاتهم وهذا ما يشهده التاريخ ويشهده منصفوا علماء الصومال أمثال د. محمد علي إبراهيم المراقب الأسبق لحركة الإصلاح ووزير الشئون الإجتماعية في الحكومة الصومالية الحالية حيث ذكر في محاضرة ألقاها للجالية والطلبة الصوماليين بالسودان في تاريخ 27\1\2010م (( أنما مما جعله أن يميل إلي المشروع الصومالي وأن يؤمن أن الإسلام هو الحل وأنه منهج حياة هو تفسير الشيخ محمد معلم حسن الذي ارتبط به )) أ.هـ .
وكذلك ذكر الدكتور عبد الرحمن باديو -قيادي بارز من حركة الإصلاح -خلال محاضرة ألقاها للطلبة الصوماليين بالسودان في شهر يناير 2010م حيث قسم تاريخ الحركة الإسلامية إلي أربعة مراحل .
1.مرحلة الإحياء الإسلامي : والتي تبدأ من القرن التاسع عشر ومن أبرز علمائها عبد الرحمن الزيلعي وأويس القادري والسيد محمد عبدالله حسن وكلهم من الطرق الصوفية
2.مرحلة الوعي الإسلامي : وهي مرحلة الحركات الوطنية حيث كانت هذه الحركات منضوية في داخلها إسلاميون ووطنيون علي حد سواء مثل وحدة الشباب الصومالي والتي تأسست عام 1943م
3.مرحلة الصحوة الإسلامية : ــوهي المرحلة التي تعنيناــ حيث ذكر باديو أن من أبرز من ساهم لهذه الصحوة هو الشيخ محمد معلم وكان في هذه المرحلة الفكر الإخواني هو سيد الموقف وتبدأ بعد الإستقلال مباشرة.
ومما يقال أن معظم أعضاء حركة الأهل الشهيرة ــ اول حركة إسلامية صومالية ــ كانون من تلامذة الشيخ حيث يستمعون تفسيره ويعيد عليهم واحد  منهم في درس التفسير الذي إستفادوه من الشيخ عندما يجتمعون في مقر الحركة الذي كان في منزل الشيخ عبد القادر شيخ محمود رئيس الحركة آنذاك لقلة الثقافة والمعرفة وندرة الكتب الدينية في ذالك الزمان .
1.مرحلة الحركات الإسلامية في الصومال : بدءا من حركة الأهل في نهاية ستينيات القرن المنصرم وختاما بحركة الشباب المجاهدين .أ. هـ .
فقد وهب الشيخ لكل حياته خدمة للإسلام والمسلمين ولا يقاس عمر الرجال بالأعوام ولا تقارن حياتهم بحياة من يمرون بهذه الدنيا عرضا فإن تشابهت الوجوه والتقاسيم ، فلا تتشابه الأقدار ، فثمة من يعمر هذه الأرض لسنوات طويلة يعيش عالة عليها في هوامش الظلمات ، لايؤثر ولا يتأثرو علي الضفة الأخرى ثمة من يساهم في صنع حياة أخري ، فيؤثر ويتأثر  حتى نقول أنه كان هنا ..
وشخصيتنا التي نحن بصدد الحديث عنها كانت هنا حيث كان قمة من القمم الشامخة لا يكل ولا يمل من العمل الإسلامي يصول ويجول في كل ميدان لا لغرض الدنيا بل لخدمة الإسلام والمسلمين .
قليلون هم الذين يموتون ولا يموت ذكرهم بموتهم لأنهم دخلوا قلوب الناس ، وتركوا بصمات عميقة في وجدان من عرفوهم وعاصروهم والشيخ محمد معلم منهم حيث إنتشرت الدعوة الإسلامية بفضل أشرطته المسجلة لتفسير القرآن الكريم رغم غيابه وموته .
ولقد كان الشيخ مثالا للداعية الصادق والمجاهد الصابر والمؤمن العامل الذي كان فقه الإسلام حق الفقه ، وترجم هذا الفقه إلي واقع عملي يعيش فيه وسط الناس يدرس مشكلاتهم وعمل علي علاجها.
ونقول : إذ لاقي الشيخ صنوفا من المضايقات والإهمال فإن له عظيم المكانة إن شاء الله في الآخرة وحسبه أنه وقف مدافعا عن الشريعة الإسلامية الغراء من الشوائب الإشتراكية . ولكي لا نطيل علي القراء ندخل لترجمة حياة الشيخ مباشرة .
مولده ونشأته
ولد الشيخ محمد معلم عام 1934م في بادية بورهكبة قرب مدينة بيدوا ولكن التاريخ المكتوب في جواز سفره تشير أنه ولد عام 1936م .
وتعلم القرآن في الدكسي كعادة الصوماليين حيث كان أبوه معلمه في القرآن الكريم حفظ القرآن وعمره تسع سنوات ، وهذه تدل علي نباهة الشيخ وفهمه وقوة حفظه وحبه للعلم والمعرفة
نسبه وأسرته
ينتمي الشيخ إلي قبيلة حوادلي بطن من بطون قبيلة الهوية الساكنة في بلدوين  عاصمة محافظة هيران ، وذهب أبوه إلي بيدوا طلبا للعلم وتعلم القرآن في هذه المدينة وأصبح أخيرا معلما يدرس الطلبة للقرآن الكريم وتزوج إمرأة من القبائل الساكنة في بيدوا ، وتنتمي أمه إلي قبائل دجل ومرفل الساكنة في إقليمي باي وبكول وكان يتيما حيث مات أبوه وهو صغير ونشأ في بيت أخواله ، وكان بيتهم بيت علم حيث أنهم اعتنوه عناية فائقة وربوه علي حب العلم حتى فاق أقرانه . وبرز في العلم والفقه والفهم ، تصدر للتعليم مبكرا وأشتهر بفراسته وذكائه .
قصة كفالة أخواله
ومما يروي عندما مات أبوه تنازع في كفالة الإبن الصغير ــ محمد معلم ــ أخواله وأعمامه وتحاكموا إلي الإيطاليين الذين يحكمون البلد في ذلك الزمان فكان حكمهم كالآتي :ـ
أن يقف الإبن الصغير ــ محمد معلم ــ إلي وسط أخواله وأعمامه وإلي الجهة التي يتبعها طوعيا فهي التي تكفله فاتجه الإبن إلي جهة أخواله فآلت كفالته إليهم .
طلبه إلي العلم
ويروي لنا الشيخ قصته في حوار أجرت معه هيئة الإذاعة البريطانية القسم الصومالي علي يد المراسل محمود شيخ دلمر(من أبناء عيرجابو) عام 1994م حيث ذكر ( أن خاله أعطاه كتاب سفينة الصلاة ثم ذهب برفقته إلي بيدوا لدراسة العلم ولم يستقر في بيدوا وقتا طويلا إذ جاءه رجل وهو جالس في المسجد ينتظر الإمام ليقرأ له درسا في كتاب سفينة الصلاة فقال له : ماذا تريد من هذا الإمام ؟فذكرت له مقصدي فقال تعال معي فأنا أقرأ لك  وسنذهب معا إلي الصومال الغربي (منطقة أوغادين حاليا)
رحلته لطلب العلم
سافر الشيخ مع هذا الرجل إلي أن وصلوا إلي نواحي جكجكا فمكثوا بعدما رأو شيخا يدرس الناس للعلم يدعي الشيخ محمد عبد الله فأواهم وأستضافهم ليلة كاملة فذكر الشيخ لمرافقه أنه يريد أن يمكث مع هذا الشيخ ويستفيد من علمه فوافقه وعلي يد هذا الشيخ بدأ دراسة كتاب سفينة الصلاة وهو أول كتاب بدأ دراسته في الدين الإسلامي ، فقد مكث الشيخ محمد معلم مع هذا الشيخ لمدة طويلة وتعلم علي يديه كتبا كثيرة في الفقه وبعدما أنهي دراسته خلف الشيخ محمد معلم إلي مدرسة شيخه فبدأ بتدريس القرآن والعلم حتى أصبح علما يشار إليه البنان من كافة الصوماليين شرقا وغربا ووفدت إليه المشائخ من حدب وصوب .
ثم زاره الشيخ حاج علي وكان مدرسا في مدينة دردوا وتخرج هذا الشيخ من السعودية وخاصة من مكة المكرمة وعلي يد هذا الشيخ تعلم منه النحو والفقه وهو الذي ختم للشيخ كتاب ألفية إبن مالك في النحو وأيضا من علمائه  الشيخ علي جوهر والشيخ براوي .
ذهابه إلي هرجيسا
وبعدما أنهي الشيخ دراسته للعلوم الشرعية في الحلقات التقليدية ذهب إلي هرجيسا وعاشها مدة من الزمن وفتح فيها مدرسة يدرس فيها الطلبة للقرآن الكريم والعلوم الشرعية ، وعقد مع تجار هرجيسا أن يشتغل معهم في التجارة مقابل تعليم أبنائهم فوافقوا عليه.
وبعد فترة من الزمن زاره  الشيخ شريف من علماء الصومال الكبار إذ نصح به أن يذهب إلي مصر لزيادة العلم الشرعي وكان زاد هذا الشيخ الذي يذهب به إلي مصر جاهزا ، ومع ذلك أكد الشيخ محمد معلم أنه سيذهب قبله إلي مصر حرصا للعلم فكان كما توقع الشيخ فقد ذهب قبله وحققت أمنياته .
وطلب الشيخ من تجار هرجيسا أجره وإعانة مالية زيادة عليها، وأخبرهم بأنه سيسافر إلي مصر طلبا للعلم ، فأعطاه التجار أجره وزيادة ، ثم رحل من هرجيسا عام 1958م متجها إلي مصر ، وخلال رحلته الشاقة الطويلة تراوح بين المشي علي الأقدام وركوب القطار أو الحافلة مارا بعدة بلدان مثل إرتيريا والسودان حتى وصل إلي مصر عام 1958م .
بداية حياته العلمية في مصر
أراد الشيخ الالتحاق بدراسة جامعة الأزهر ولكن شيخ الأزهر عبد الحليم محمود اختبره فقال له إنك جيد في العلوم الشرعية وفنون اللغة العربية ولكن ليس عندك شهادة ثانوية فتقدم لاختبار قبول الجامعة ، وذكر الشيخ أنه كان أول اختبار أجري معه في حياته وأنه لم ير مادة غريبة عليه سوي الأدب العربي الذي لم يكن معروفا لدي الصوماليين في ذالك الزمان .
نجح الشيخ في هذا الاختبار والتحق بكلية أصول الدين بجامعة الأزهر فتخصص في العقيدة والفلسفة لأن الشيخ تعلم من قبل علم المنطق وتعمق به فأحب أن يتخصص فيه للعلاقة الوثيقة بينهما .
وبعد تخرجه واصل دراسته في الماجستيرا في نفس التخصص وكان تقديره جيد جدا وبعده إلتحق إلي معهد كلية التربية التابع لجامعة عين شمس حيث تعلم منها وأخذ منها دبلوم في  طرق التدريس والمناهج .
وبعد ذلك شرع الشيخ في تحضير درجة الدكتوراة وكان موضوع رسالته ( الإيمان وأثره في حياة الفرد والمجتمع)  كان مشرفه الشيخ عبد الحليم محمود شيخ الأزهر وكان أستاذه في قسم العقيدة والفلسفة من قبل ، وكان هذا الشيخ يتعجب في حفظ الصوماليين للقرآن الكريم والدين واللغة العربية وفنونها فيقول لهم : ( أيها الصوماليون إني لا أقول في علمكم وفي حفظكم إلا كما قال الله تعالي : (( يؤتي الحكمة من يشاء ومن يؤتي الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا وما يذكر إلا ألوا الألباب) . أ.هـ.
ولكن لسوء الحظ لم يكمل الشيخ كتابة هذه الرسالة فقد أشغلته هموم الدعوة والمعيشة ولم ير النور هذا الكتاب وأمثاله من مؤلفات الشيخ .
وكان الشيخ محمد معلم رئيس إتحاد للطبة الصوماليين في مصر أيام دراسته الجامعية وكان نشطا بين أقرانه وإخوانه الصوماليين وكانت مدة دراسته ايام صراعات الحكم في مصر بين الإخوان المسلمين من جهة والقوميين من جهة أخري .
تأثره بحركة الإخوان المسلمين
كانت نهاية الخمسينات وأوائل الستينات بيئة نشطة للصراعات وخاصة صراع الأفكار والسياسة حيث تصادمت أفكار حركات كثيرة من هذه الحركات جماعة الإخوان المسلمين التي تأسست عام 1928م علي يد الشيخ حسن البنا وتأثر الشيخ محمد معلم من دعوة الإخوان وخاصة كتب روادها أمثال الإمام الشهيد حسن البنا والشهيد سيد قطب والشيخ حسن الهضيبي وغيرهم من علماء الإخوان وكان أغلب علماء الإخوان في السجن وكانت جماعتهم وكتبهم محظورة وحتى المكتبات النشر وتوزيع الكتب كانت مجهولة أما الشيخ فكان يعطي الكتب للشيخ شاب صغير .
ويحكي لنا الشيخ في إعدام سيد قطب عام 1966م حيث يقول: ( كنت قريبا في مكان وقوع هذه الحادثة ـ أي إعدام سيد قطب ـ حيث كان سكني قريبا من هذا المكان فقد أصابتني صدمة وحيرة ففزعت من هذا الخبر وحزنت منه حتى أن رجلا من رؤساء العالم نصح لجمال عبد الناصر ألا يعدمه لثلاثة أمور :ـ
1.أولا: هو شيخ ومسن في الستينات من عمره .
2.ثانياً : أنه رجل ذو علم وشرف وحرام قتل العلماء.
3.ثالثاً: أنه أفكاره انتشرت وبالتالي لا ينفعك قتله وأفكاره قد انتشرت .ا.هـ.
عودته إلي الصومال
عاد الشيخ محمد معلم إلي مقديشو عام 1968م وفي أواخر هذا العام بدأ دراسة تفسير القرآن الكريم في مسجد الشيخ عبد القادر بعدما أكتشف حاجة الناس إلي الدعوة والتفسير وتذكيرهم لمحاسن هذا الدين الحنيف .
وابتكر الشيخ طريقة جديدة في التدريس لم يعرفه علماء الصومال من قبل وهي قراءة التفسير في المصحف المجرد مما سهل للدارسين تركيزهم بمعاني آيات القرآن الكريم باللغة الصومالية بدلا من قراءة التفسير من حاشية الجلالين الذي كان سائدا في ذلك الزمان إذ يشتت هذا التفسير فهمهم حيث أنهم يركزون معاني القرآن الكريم باللغة العربية والصومالية معا .
واستمر الشيخ لدراسة تفسير القرآن الكريم مدة سنة .
دوره في جمعية النهضة وبداية فكرة الإخوان في الصومال .
استقبل البلد في فترة الستينات من القرن المنصرم عددا ممن تم ابتعاثهم إلي الدول العربية وخاصة إلي مصر وكان منهم الشيخ محمد معلم حيث كان أشهر المبتعين العائدين إلي البلد وذالك لعلمه العزير الذي إشتهر به قبل الإبتعاث . وبعد عودتهم إلي الصومال أسسوا جمعية النهضة في عام 1967م .
ويقول الشيخ غريري في حواره مع (شبكة الصومال اليوم ( في عام 1967م أسسنا جمعية النهضة ونحن مجموعة من المثقفين بالثقافة العربية والإسلامية أغلبهم من الموظفين والمدرسين ورجال القضاء وكانت ذات طابع (أخواني ) غير معلن وترأسها الشيخ عبد الغني شيخ أحمد رحمه الله والذي كان مستشارا في المحكمة العليا وكنت نائبه ، ومن أهم ماقامت به إستيراد كتب الثقافة الإسلامية بمختلف أنواعها )أ.هـ.
أما علاقة الشيخ ــ محمد معلم ــ بهذه الجمعية فيحدثنا د. محمد علي إبراهيم في حواره مع شبكة الصومال اليوم حيث يقول :(عندما عاد الشيخ محمد معلم إلي الصومال أنسجم مع جمعية النهضة التي أسسها الشيخ عبد الغني شيخ أحمد (توفي 2007م في الكويت وكان عضوا في الموسوعة الفقهية)والذي جلب الكتب من مصر ، ونائبه الشيخ محمد غريري تخرج من الجامعة الإسلامية وجلب مكتبة كبيرة أيضا من السعودية ،وكان الشيخ محمد معلم أمينا لتلك المكتبة وكان ذالك تقريبا سنة 1967م والشيخ محمد معلم لكونه عالما لغوياإستفاد من المكتبة فكان يحضر تفسيره من كتاب (الظلال لسيد قطب) .
الشيخ محمد معلم وثورة أكتوبر1969م
ويحكي لنا الشيخ محمد معلم علاقته بهذه الثورة فيقول: ( عندما جاءت الثورة رحبوني وقربوني في البداية وعينوني في منصب منسق العام لوزارة الشئون الدينية ولكن بعد ذالك اضطهدوني وأجبروني أن أوقف تدريس التفسير فأمتنعت من ذالك ) .
وبعدما تأكدت الحكومة أنه لا يوقف التفسير عينته سفيراً إلي الخارج فأمتنع الشيخ لهذا المنصب وآثر الدعوة الإسلامية عن أعراض الدنيا وكان الشيخ من أوائل العمال الذين طردوا من وظيفتهم .
تعرضه للسجن
وبعدما إمتنع الشيخ توقيف التفسير سجن في سجن يسمي ذو عشرين سنة (لباتن جرو) عام 1976م ومكث فيه إلي سنة 1984م وكانت أوضاع قاسية أيام سجنه  وقد سأله شيوخ من مناطق باي وبكول عن أوضاعه في هذا السجن بعدما أخبروه أنهم طلابه الذين يستمعون تفسيره فأجاب الشيخ قائلا : كانت أيامي في السجن أصعب أيام في حياتي وسألوه أيضا كيف كان يعرف عدد السنين والأسبوع والشهور فذكر الشيخ أنه كان حافظا فيختم القرآن في كل أسبوع مرة واحدة بالطريقة الصومالية المعروفة وعبرها يعرف أن الأسبوع قد إنتهي وكذا الشهر فإنه كان يقرأ في كل يوم جزأ وبالتالي يختم القرآن في كل شهر مرة واحدة  فيعرف أن الشهر قد إنتهي  ، أما السنة فقد كان الشيخ متبحرا في علم الفلك فكان ينظر الشمس والنجوم في ثقب كان في سقف السجن وعبر النجوم يعرف عدد السنين والحساب وذات يوم أنبتت شجرة في ذلك الثقب أحجبته برؤوية النجوم وبعد عدة أيام ساقوا به  إلي مدير السجن فسأل عن أخباره وأحواله فذكر له أن الثقب الذي أزعجه وأتعبه أنبت الله مكانه شجرة أحجبته من لهيب الشمس ، ويقول الشيخ وأعرف أني لو ذكرت له هذا الخبر أن سيقطع الشجرة ورغم ذلك فعلت لإني أريد أن أعرف حساب عدد السنين عبر هذا الثقب ففعلوا كما ظننت فقطعوا هذه الشجرة .
ويحكي لنا الشيخ أيضا عن أشد أيامه في السجن فيقول : كانت عادتي أن أرفع الآذان في كل صلاة بعدما قرب وقتها فمنعني مدير السجن وأعوانه ذلك الآذان وقالوا لي : لا ترفع الآذان مرة أخري وعندما قلت لهم : إن جميع السجون ترفع آذانهم للصلاة فلماذا تمنعونني؟ فقالوا هذا أمر من الضباط العليا فألتزم هذا الأمر . فأمتنعت أمرهم فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق .
وهذا دليل علي صلابة موقف الشيخ وكان يؤمن بالله ويعرف أن قوة الحكومة كبيرة ولكنه يؤمن أن الله أكبر وهذا الإيمان يجعل تلك القوة الكبيرة الضخمة صغيرة وضعيفة فجاؤوا به  إلي داخل السجن وضربوه ضربة عنيفة حتى سقط علي الأرض مغشيا عليه ويقول الشيخ فلم أظن أني سأخرج من هذا السجن وأنا حي لشدة تعذيبي إلي.
وبعد فترة من الزمن بعدا أصبح الشيخ مرهقاً ومتعبا لكثرة التعذيب حولوه إلي السجن المركزي واعتقلوه في حجرة ضيقة إسمها (شمبرولي)  وسميت لذالك الاسم لأن فيها قمل وحشرات ضارة صغيرة تنزل عند الشخص مثل الطيور وتأكله في كل وقت ولايستطيع الشخص ان ينام في هذه الحجرة لكثرة لسعها والأمراض في الجسد .
وقال الشيخ : بعدا أرهقت وتعبت في الزنزانة أرادت العسكر أن ترحمني فأخرجوني من هذه الغرفة الضيقة وشرعوا في تنظيفها وغسلها وتصبيغها وإضاءتها وبعدما أكملوا صيانتها رجعوني وقالو لي : نريد أن تعفو بنا فقد أرهقناك وأتعبناك ) وأصبحت غرفتي بعد هذه الصيانة أحسن غرفة في السجن حتى دفع السجناء الرشوة مقابل إعتقالهم في غرفتي النظيفة .
ومكث الشخ في السجن 11 سنة وبعد خروجه من السجن 1984م مرض الشيخ فنقل إلي الخارج للعلاج ودخل عملية جراحية وبعد عودته إلي البلد بدأ التفسير مرة أخري وبعد أن قرأ 9 دروس من التفسير أعيد إليه في السجن مرة أخري .
وظنت الحكومة في هذه المرة أن طلاب الشيخ قد تناسوه، وأن الروابط بينهم انقطعت ولكن بالعكس كانت جموع المسلمين تتدفق في مسجد الشيخ لإستماع تفسيره ، وخلال هذه المدة الطويلة لم يتزحزح الشيخ عن مبادئه وأفكاره الإسلامية قيد أنملة .
فضغطت الحكومة الصومالية وأمرته بالتوقف عن قراءة التفسير ولكن الشيخ لم ينصع لأوامرهم ..ومما يقال أن الحكومة إعتقلت معه رجلا في السجن لغرض قتل الشيخ ولكن الله أنقذه من شره.
مواقفه وصلابته
وقديماً قيل ( الرجال مواقف) ويحكي لنا الشيخ كيف كان في كل مرة اخرج إليه في السجن حيث يقول ( في كل مرة أخرجوني من السجن لا يكلمني  إلا الرئيس محمد سياد بري فيسألني عن أوضاعي وصحتى وأن أترك هذا التفسير فقلت له : يا فخامة الرئيس إذا كنت في السابق رجلاً شجاعاً وذو عزيمة قد أصبحت الآن أشجع من قبل فضحك الرئيس وخلا سبيلي )
إذا كنت ذا رأي فكن ذا عزيمة *** فإن فساد الرأي أن تترددا
وقد اتصف الشيخ بثبات مبادئه الإسلامية لأن الثبات عامل مهم في الأثر الذي يتركه الإنسان في هذه الحياة وهو الموصل بإذن الله إلي ما يريده المرء ويطلبه ،فالمريد تغيير حركة التاريخ والراغب تعبيد الناس لرب العالمين والعامل علي رفقة دينه وإعلاء رايته لا غني له عن الثبات .
محاولة تطبيق الاشتراكية العلمية علي الصومال وموقف الشيخ منه
في احتفالات العيد الأول للثورة في أكتوبر 1970م أعلن سياد بري تطبيقه للإشتراكية العلمية معلنا رفضه لمفاهيم الإشتركية العربية والإفريقية والإسلامية .
مفهوم الإشتراكية العلمية :
مفهوم فلسفي ومادي إيدلوجي ماركسي ، وبعد ست سنوات من العمل والنشاط الدؤوب لمحاول تعميق مفهوم الإشتراكية العلمية بلغ هذا الإتجاه ذروته وذلك عندما أعلن النظام العسكري بأن الأمم المتحدة سمت عام 1975م بعام المرأة العالمي .
وعليه تقرر إنعقاد الحوار الإقليمي الإفريقي في مقديشوا بعنوان (مساواة المرأة للرجل) في الفترة ما بين 13ـــ15 أبريل 1975م .
وفي أجواء الاستعداد لانعقاد المؤتمر في مقديشو أعلن مجلس قيادة الثورة الصومالي عن مساواة المرأة للرجل بما في ذالك الميراث وصدر ذلك رسميا في قانون الأسرة الجديدة رقم 23 الصادر في 1\1\1975م كما نصت المادة 158 من ذالك القانون .
وليس من الممكن أن تمر بسهولة هذه الممارسات اللادينية في مجتمع مسلم بنسبة 100% فقد قام العلماء في يوم الجمعة 5محرم 1395هـ الموافق 17يناير 1975م بإلقاء خطب تستنكر هذا القانون في عدد من المساجد مما أدي إلي إعدام عشرة من العلماء وإعتقال عدد كبير من المصلين ، وكان الشيخ محمد معلم من الرافضين والمستنكرين لهذا القانون.
وقد سئل الشيخ : ماذا منعك في إستهداف الحكومة لك وان من رواد الصحوة الإسلامية وقد أعتقل وقتل كثير من العلماء من أمثالك ؟ فأجاب الشيخ قائلا : كان الحدث في يوم الجمعة فجائني ضابط من المخابرات الصومالية رفيع المستوي وأنا أستعد لأتوضأ لصلاة الجمعة فأخبرني أن الحكومة أمرت أن لا أخرج من بيتي وفي كل مرة هممت أن أخرج لذهاب المسجد يمنعني وبعد مدة وقد ظن الضابط أن عملية اعتقال العلماء في المساجد قد تمت قال لي اذهب الآن فأنت حر فسألته وهو يخرج : لماذا تلعب بي وتمنعني الصلاة والخير ؟ فقال لي صراحة : نريد أن نعتقل علماء السوء الذين عارضوا النظام وتطبيق مساواة النساء للرجال في الميراث وأعرف أنك من أول المعتقلين فأردت أن لا تكون منهم لحبي لك أن تبقي .
فقلت له : لم تجلب لي خيرا فقد منعتني الثواب والجنة .
وفي ذلك الزمان افتتحت الثورة 13 مركزا لتوعية الشباب ولدعوتهم الإنضمام لمذهب الإشتراكية العلمية فجندت الثورة ناسا كثيرة فكان الشيخ يوعظ الناس ويبين لهم مساوئ الإشتراكية ولا يذكر صراحة أن الثورة خاطئة ولكن عبر تفسير القرآن الكريم فقط .
وقد إنقلب السحر علي الساحر فقد جاء الناس وبكل أشكالهم إلي تفسير الشيخ سواء كانوا عمالا أو تجارا أو طلابا أو شرطة حيث يستمعون في تفسير الشيخ والذي لم يدع موضوعا في الدين إلا تطرق إليه وبالعكس أصبحت مراكز توعية الإشتراكية شبه مهجورة مما أدي في نهاية المطاف إلي إغلاقها بعدما إمتنع الناس لزيارتهم ؛ هذا وقد إعتقلت الحكومة الشيخ ووضعته في السجن وعندما سئل الرئيس سياد بري عن سبب إعتقاله ؟ ذكره صراحة بأن هذا الشيخ ليس مذنبا ولا مجرما بل هو مواطن صالح ولكنه أنشأ مركزا للتوعية ضد الحكومة يقصد تفسير الشيخ ونحن أنشأنا 13 مركزا للتوعية الإشتراكية فكثر أنصاره وطلابه بينما تضائلت أنصارنا ونحن أقوي منه وليس من المعقول أن يوجد في البلد حاكمان لذالك إعتقلناه .
معرفتي بالشيخ محمد معلم
فقد عرفت الشيخ من خلال أشرطته المسجلة كتفسير القرآن الكريم فقد إستعمت تفسيره لأول مرة وأنا في مدينة عيرجابوا تقريبا عام 1997م فأحببت إستماع تفسيره فقلت يا الله : ما هذا الشيخ الهادئ الذي يفسر القرآن بدون تكلف فكان تفسيره موصوفا بالنبرة الهادئة ...
 وكان دائما يتوسط مقاطع كلامه مرة تلو الأخري بالكلمة الصومالية (kolka)
 ومعناها (حينئذ) وذات مرة سألني زميلي في الجامعة بشير شيخ أحمد خريج جامعة إفريقيا العالمية وكان من تلامذة الشيخ فقال : إذا كنت تعرف الشيخ محمد معلم وأستمعت أشرطته فهل تعرف الكلمة التي كان يكررها دائما فقلت له هي كلمة (كولكا) فضحك بشير وقال : والله قد عرفت . فكانت صلتي بالشيخ عن طريق هذه الأشرطة فقط ولم يقدر الله أن ألتقي به وهو حي وقديما قيل (صلة الدين فوق صلة القرابة
دوره في المصالحة الصومالية
وبعد إنهيار الحكومة المركزية عام 1991م وإندلاع الحروب الأهلية في الصومال بدأ الشيخ تفسيره في مسجد التضامن الإسلامي وسط مقديشو.
وقد أخذ دورا كثيرا في المصالحة بين الفرقاء الصوماليين حيث كان يجتهد في إصلاح ذات البين ، وكان من مؤسسي المحاكم الإسلامية في مقديشوا إبان الحرب إذ جاءت فكرة إنشائها من العلماء بقيادة الشيخ محمد معلم حسن بعدما تحول البلد إلي فوضي عارمة وجاءت ظاهرة المحاكم الإسلامية والتي حددت لنفسها جملة من الأهداف إستجابة لحاجة المجتمع ومن أهدافها تلك :ـ
1.إعادة الأمن والإستقرار عن طريق القضاء علي كافة مظاهر الإجرام والتخريب
2.إعادة الممتلكات إلي أصحابها الأصليين
3.الحفاظ علي الآداب الإسلامية ومحاربة المفاسد الإجتماعية المختلفة
4.الفصل في الخصومات بين أفراد الشعب
5.تشجيع قيام المؤسسات الإجتماعية والخدمات المختلفة في الصومال
6.حماية ما تبقي من المرافق العامة والخاصة في البلاد.
علاقته مع الإخوان الدولي وحركة الإصلاح
انتهج الشيخ محمد معلم نهجا متوسطا لنفسه ودعا إليه طلابه ومقربيه فلم ينضم إلي الإخوان الدولي أو حركة الإصلاح الصومالية  التي تأسست عام 1978م وسمي فيما بعد طلابه ومقربوه (الإخوان المسلمون المحليون ) أو(آل الشيخ ) نسبة إلي الشيخ محمد معلم
يقول د.محمد علي إبراهيم في حواره الآنف الذكر ( لم يرفض الشيخ محمد معلم أن يقيم علاقات مع الإخوان الدولي وكان مستعدا لذالك ، لكن الإصلاح قطعوا عليه الطريق والمسألة نفسها تكررت مع الجماعة الإسلامية التي تطورت إلي الإتحادالإسلامي والتي قامت نتيجة تعنت ورفض قيادات من الإصلاح لتشكيل كيان دعوي أوسع )أ.هـ.
دوره في تأسيس مجمع العلماء
في أواخر التسعينان من القرن الماضي أسس الشيخ محمد معلم تجمعا كبير يضم شريحة كبيرة من علماء الصومال إسمه (مجمع علماء الصومال ) وترأسه في البداية وبعد وفاته خلفه برئاسته أحمد عبدي طعسو وكان القصد منه توحيد كلمة العلماء وتحول إسم المجمع لاحقا إلي إسم حركة التجمع الإسلامي ويعود له الفضل في بدء هذه الطريقة الحسنة من توحيد العلماء ، ومن سن سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها .
دوره في نشر الدعوة الإسلامية في المهجر
بعدما سقوط النظام هاجر كثير من الصوماليين إلي جميع بقاع العالم مما تعاظم معه دور العلماء وأدي أن يرحل بعض العلماء معهم إلي أماكن إقامتهم .
فكان الشيخ يزور مراكز الجالية الصومالية في المهجر مثل دول الخليج العربي وبعض من دول أوروبا فأستقبله الصوماليون في المهجر أحسن استقبال ورحبوه أجمل الترحيب وظل يؤدي دوره الدعوي في تذكير الناس إلي الدين ووعظهم لسلوك سبل الخير والصلاح وطريق النجاح والفلاح فكانت جموع المسلمين تتدفق علي المساجد خاصة من الشباب الذين أحبوا وتعلقوا به وتأثروا بمواعظه ونأخذ مثالا لأماكن دعوته في المهجر مسجد الرابطة الإسلامية في فلندا حيث زاره الشيخ في تسعينات القرن الماضي ووعظ الناس في ذلك المسجد وأيضا زار مدينة لندن لأغراض دعوية عام 1994م ، حيث حاوره المراسل محمود دلمر من هيئة الإذاعة البريطانية القسم الصومالي .
واعتبر الشيخ أبا للصحو الإسلامية في الصومال حيث كان مرشدا ومعلما لشباب الصحوة وقد بارك الله في جهوده ووفق الله وإخوانه وتلاميذه للتحرك بالدعوة الإسلامية ونشرها في كثير من أقاليم الصومال خاصة والقرن الإفريقي عامة ونشر الفكر الإسلامي في كل مكان .
ثناء العلماء عليه
المحبون للشيخ محمد لا يحصي عددهم والمتأثرون به لا يمكن حصرهم والذين أشادوا بفضله لا تحيط بهم ذاكرتي وأكتفي بأربعة فقط:
 يقول الشيخ أحمد عبدي طعسو خلفه في مجمع علماء الصومال :" كان الشيخ محمد معلم من مؤسسي المحاكم في الصومال ومجمع علماء الصومال حيث أصبح أول رئيس لها فقد بدأ دراسة التفسير منذ عودته إلي الصومال وكذلك بعد إنهيار النظام سياد بري ، بدأ التفسير في مسجد التضامن الإسلامي ، وكان صاحب إيمان راسخ إذ وهب جميع حياته لخدمة الإسلام ، وكان وقافا عند حدود الدين وكان الناس بالنسبة له سواسية ، وكان سخيا وقائدا مجاهدا فذا من نوعه ، وكان رجلا حليما ورحيما ، وكان أبا للصحوة الإسلامية في الصومال ، وسيذكره الناس عن محاسنه ، وقد حزن عن وفاته جميع الصوماليين الذين عرفوه وعاصروه وأنه كان يحب أن يكون الشيخ حيا يرزق بين ظهرانيهم ولكن الدنيا لا تدوم لأحد فقد توفي اليوم ــ يعني يوم وفاته ــ داعية وعالم إسلامي كبير ومشهور والذي لا نستطيع أن نسد مكانه بسهولة) .
ثانيا: يقول الشيخ عمر فاروق متحدثا لهيئة الإذاعة البريطانية بعد وفاة الشيخ ( كان الشيخ محمد معلم متبحرا في العلوم الشرعية وهو من الراسخين في العلم الذين وهبهم الله بمنه وكرمه ملكة عظيمة في معرفة الدين الإسلامي ، حيث كان معظم الناس الذين نشروا الدين من تلاميذه الذين نهلوا من معين علمه واستفادوا من نصائحه ومواعظه وتفسيره القيم )
ثالثا: يقول الشيخ شريف عبد النور ( كان الشيخ محمد معلم رجلا هادئا ذو أدب وأخلاق رفيعة وكان متصفا بقلة الكلام وكثرة الإنصات وكان يكره اللغو ، وكان كثير القراءة للقرآن الكريم وكان رجلا منفتحا يكثر المزاح حيث كان يمزحني شخصيا وكان يناديني أوكي شريف)
رابعا : يقول الشيخ عبد الغني شيخ أحمد وزير العدل والشئون الدينية الأسبق في إحدي حكومات الصومال السابقة ( يعتبر وفاة الشيخ محمد معلم صدمة للعالم الإسلامي عامة وفي الصومال خاصة وإنني لا أعرف رجلا أسهم في نشر الدين الإسلامي وأثر الجيل الإسلامي الجديد فكريا وعلميا مثل تأثير الشيخ محمد معلم في مدة ثلاثين عاما مضت ، ،الموت حق ولكني حزين لفقدانه إذ لاننسني تربيته وتعليمه للطلاب في تفسير القرآن الكريم وتوجيهاته القيمة ، وذهب الشيخ إلي مصر وهو عالم وعندما دخل امتحان قبول  الجامعة قبل الممتحن علي وجهه مهيبا عليه وكان رجلا فهاما ذو عقل نير وكبير وكان حافظا للقرآن الكريم ويعتبر وفاته خسارة لنا فقد مات في وقت تحتاجه الدعوة الإسلامية لأمثاله)
من أقوال الشيخ محمد معلم :
•( الإسلام نظام شامل فكل نواحي الحياة تطرقها فتحدث عن الفرد والمجتمع وتوازن الجسد والروح والأخلاق والآداب والنظافة والمحافظة علي البيئةحتى العلاج فالحمية رأس كل دواء والمعدة بيت الداء وتحدث الإسلام عن المسئوليات الكبيرة للإنسان بما فيها عمارة الأرض والخلافة لأن الله وهبه عقلا وفضله من سائر المخلوقات بذلك العقل  وقديما قيل إستراح من لا عقل له ).
• ( التأخر الذي أصاب المسلمين سببه هجر الدين وقد انحطت أخلاق الفرد حتى أصبح كالأنعام وأنحطت قيم المجتمع فالزواج الإسلامي قد أهمله الغرب حتى ابتدع ما يسمي الزميلة والصديقة فأدت إلي التفكك الأسري الذي نراه اليوم ).
•( أري أن تسمية عصر النهصة والتنوير في حضارة أوروبا ليس صحيحا لأن تطورهم لم يكن مكتملا فقد تطوروا في الماديات كالبنيان وغيرها ولكن الإنسانية تأخرت  لأن الإنسانية تتطور بالأخلاق والعدل في كل الأمور وبالتالي فالطبيعة والماديات تطورت ولكن الإنسانية تأخرت جدا ).
•(الدولة العصرية في مفهومي هي دولة متطورة وهادئة وعادلة ونظيفة وبعيدة عن الأخلاق الذميمة كالنميمة وأن يكون سكانها إخوانا متحابين وأن تكون بعيدة عن قسوة العيش وليس في الدنيا دولة عصرية تنعم بكل هذه الأمور إلا التي تريد تطبيق الشريعة الإسلامية في واقع حالها).
•( أقول للغرب إذا لم تريدوا إعتناق الإسلام كدين فطبقوا قواعده وشرائعه العامة لأن الإسلام جاء ليقرر للدنيا أعدل المبادئ وأقوم الشرائح ويسموا بالنفس الإنسانية ويقدس الأخوة العالمية وهذا ما يشهده منصفو علماء الغرب وفيه ما لاتستغني جميع قوانين العالم مثل قوانين الحرب والسلم).
وفاته
وقد مرض الشيخ محمد معلم في السعودية ونقل إلي أيطاليا للعلاج حيث توفي هناك عام 2000م  الموافق 1420هـ ونقل جثمانه ودفن في مقديشو .
وبوفاته يكون الشيخ سادس العلماء الكبار الذين فقدتهم الأمة الإسلامية في عام واحد وهو :ـ علامة الجزيرة الشيخ إبن باز، أديب الفقهاء العلامة الأستاذ علي الطنطاوي والفقيه الكبير العلامة مصطفي الزرقاء ، والمحدث الكبير الشيخ محمد ناصر الدين الألباني .
نسأل الله أن يجعل الشيخ نبراساً لأجيالنا والأجيال القادمة لمزيد من حب الدين والوطن وتضحية في سبيله ، تعثرت الكلمات في وصفه وجفت الأقلام في نعيه رحمه الله برحمته الواسعة وأدخله فسيح جناته رفقة النبيين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا .
 وفي الختام :
قلت: هذا البحث هو أوَّل بحث في هذا الموضوع يُنشر باللغة العربية وقد ترجمته من تقارير كثيرة من اللغة الصومالية بعضها أشرطة مسجلة للشيخ  ، وحقوق اقتباسه محفوظة للموقع وللكاتب.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
ــــــــــــــــــــــــــــ
المراجع والمصادر
1.هيئة الإذاعة البريطانية القسم الصومالي.
2.عبد القادر محمد جيدي ، الصومال وقضية التحول من مجتمع رعوي إلي مجتمع مدني ، رسالة ماحستير غير منشورة بجامعة إفريقيا العالمية .
3.شبكة الصومال اليوم.

No comments:

Post a Comment